Close
وحي القلم – المجلد الأول

وحي القلم – المجلد الأول

 لا وجُود للمقالة البيانية إلا في المعاني التي اشتملتْ عليها، يُقيمها الكاتبُ على حُدودٍ ويديرُها على طريقة، مُصيبًا بألفاظه مواقع الشعور، مُثيرًا بها مكامن الخيال، آخذًا بوزنٍ تاركًا بوزنٍ؛ لتأخذ النفس كما يشاءُ وتَترك ونقلُ حقائقِ الدنيا نقلًا صحيحًا إلى الكتابةِ أو الشعر, هو انتزاعُها من الحياةِ في أسلوبٍ وإظهارُها للحياة في أسلوبٍ آخرَ يكونُ أوفى وَأدقَّ وأجملَ، لوضعِه كلَّ شيءٍ في خاصِّ معناه وكَشْفِه حقائقَ الدنيا كَشْفَةً تحت ظاهرِها الملْتَبِس. وتلك هي الصناعةُ الفنيةُ الكاملة؛ تَسْتَدْرِكُ النقصَ فتُتِمُّه، وتتناول السر فتُعلنُه، وتلمِسُ المقيَّدَ فَتُطْلِقُه، وتأخذ المطلق فتحُدُّه، وتكشفُ الجمالَ فتُظْهرُه، وترفعُ الحياةَ درجةً في المعنى وتجعل الكلام كأنَّه وجدَ لنفسه عقلًا يعيشُ به

مصطفى صادق الرافعي