Close
تحولات الشوق فى موسم الهجرة إلى الشمال

تحولات الشوق فى موسم الهجرة إلى الشمال

لا أعرف رواية عربية لقيت من إقبــال النقــاد وعنايتهــم ومدارستهم وتنوع محاولاتهم – وربما قلت : ومطارح تهويماتهم – ما لقيته رواية الطيب صالح : « موسم الهجرة إلى الشمال » ، إذ استطاع الطيب منذ «دومة ود حامد» أن يختط لنفسه نسقًا لافتًا فى الكتابة الروائية، وأن يبلغ فى « موسم الهجرة » – على الرغم من أنها ذات موضوع مألوف قد جرى التمرس به قبله من زوايا مختلفة – قمة الإحكام والتناسب فى استخدام ضروب التقنية القصصية الصالحة لروايته ، مع بساطة ظاهرية مغرية خادعة ؛ فإذا جاء الصديق محمد شاهين اليوم يتناول هذه الرواية بالدراسة مستأنفًا ، فلابد أن يكون لهذه المحاولة الجديدة أسبابها الخاصة بها . ومهما يكن من شىء فهذه قطعة من النقد المقارن الممتع الموسّع للآفاق ، المعمّق للبصيرة. ومع ما فى هذه الدراسة من كشوف جديدة، وإشراقات فكرية باهرة ، فإن (الدكتور) محمد شاهين لم يقل الكلمة النهائية فى الرواية ، بل ستظل « موسم الهجرة » تستثير النقد من زوايا جديدة ؛ وقد كان مخلصًا لمنهجه النقدى حين قال : « إن موسم الهجرة تعانى أكثر ما تعانى من الحداثة التى طلعت علينا بها مبكرة بالنسبة للرواية العربية، تلك الحداثة التى لا تنظر إلى الحبكة كمرتكز أساسى حيث تتتابع فيها الأحداث وتتسلسل من أول الرواية إلى آخرها ، ويظل القصد منها وفيها طافيًا على السطح ، وتكون متعة قراءتها موسمية ، لا موسمًا متجددًا يعود كلما عدنا إلى قراءتها » .

محمد شاهين