Close
النظرات

النظرات

يسألني كثير من الناس كما يسألون غيري من الكُتَّاب: كيف أكتب رسائلي، كأنما يريدون أن يعرفوا الطرق التي أسلكها إليها فيسلكوها معي، وخيرٌ لهم ألا يفعلوا، فإني لا أحب لهم ولا لأحد من الشادين في الأدب أن يكونوا مقيدين في الكتابة بطريقتي أو طريقة أحد من الكتاب غيري، وليعلموا -إن كانوا يعتقدون لي شيئًا من الفضل في هذا الأمر- إني ما استطعت أن أكتب لهم تلك الرسائل بهذا الأسلوب الذي يزعمون أنهم يعرفون لي الفضل فيه؛ إلا لأني استطعت أن أنفلت من قيود التمثل والاحتذاء، وما نفعني في ذلك شيء ما نفعني ضعف ذاكرتي والتواؤها عليَّ وعجزها عن أن تمسك إلا قليلًا من المقروءات التي كانت تمر بي، فقد كنت أقرأ من منثور القول ومنظومه ما شاء الله أن أقرأ، ثم لا ألبث أن أنساه فلا يبقى منه في ذاكرتي إلا جمال آثاره وروعة حسنه ورنة الطرب به، وما أذكر أني نظرت في شيءٍ من ذلك لأحشو به حافظتي ثم أتركها

مصطفى لطفي المنفلوطي