الراحلة

متى تنام القاهرة؟ في الغالب لاتنام، ربما تهدأ الحركة فيها قبيل الفجر، أقرب ماتكون للسكون.. للسكينة، ثم تعاود الاستيقاظ مع نسمات ناعمة تمسح على وجه الشوارع، تعانق آذان الفجر الذي ينطلق من مآذنها العتيقة، وسرعان ما يتنفس الصبح وينتشر الساعين بكد وراء لقمة العيش مع أول خيوط الضياء، وتزداد الحركة لتتواكب طرديًّا مع نور شمس الصباح الساطعة، فتتداخل حركة الناس والأصوات في كل الاتجاهات، إلا أن أصواتًا مميزة لايمكن أن تتجاهلها الأذن.
كان ماهر يتحدث إلى صديقه شريف ليكسر ملل انتظار صديقهما خالد أمام بيته في حي الدقي.
شريف يستمع بقدر من الضجر لتأخر خالد، ولكن ماهر المغرم بالقاهرة وفي محاولة لإلهائه عن طول الانتظار يواصل حديثه وهو يشير إلى الباعة الجائلين حولهما:
– شايف الخضراتي بيرص بضاعته ازاي، تقولش خريج فنون جميلة، طيب شايف عربة الفول والناس حواليها زي النمل من حلاوته وطعامته ولا كأنه لوز، ووإن فاتك الفول أنا غير مسئول، والله الشعب المصري ده شعب فنان، حتى الست اللي قاعدة بتعمل الشاي، تحس إنها أمك، شوف الحنان اللي بيطل من عنيها وهي بتناولك الشاي، كل حاجة حوالينا تفتح النفس بصحيح.

نايف مهدي الرشيدي