Close
الجريمة والعقاب

الجريمة والعقاب

في طالع شهر تموز، في أثناء حرارة قائظة، خرج شاب في وقت المغيب من غرفة صغيرة كان يستأجرها بالوساطة في زقاق نحو الشارع إلى جسر بطيء الخطى كأنَّه كان متردداً.لقد واتاه الحظ فأفلح في أثناء هبوطه السلم أن يتحاشى لقاء صاحبة الشقة التي يسكن عندها. تقع الغرفة تحت السقف من بناء عالٍ مؤلف من خمسة طوابق. كانت أقرب إلى شكل الخزانة منها إلى مسكن, وكانت صاحبة الشقة تؤجرها مع الطعام والخدمة و تقطن في الطابق الأدنى, إذْ كان عليه كلما خرج، أن يمر أمام مطبخها مفتوح الباب أبداً فيشرف على السلم.كلما خرج كان يشعر بضيق وحرج وجبن فيحس بالخجل من هذا الشعور ويتقلص محياه. كان مديناً لصاحبة الشقة بكل شيء فيخشى أن يلتقيها.لا يصدر جبنه من جبن يتولاَّه، أو ذعر يتلبسهُ، بالعكس, إنما كان يعاني منذ حين من بعض التوتر والعصبية توشك أن تكون مرض الكآبة. فقد بلغت حياته من الانعزال والانطواء أنَّه يخشى أن يلقي أياً كان, ناهيك عن لقاء صاحبة الغرفة

فيدور دوستويفسكي